دیر الزور بلدة سوریة لها حدود مشتركة مع العراق. تقع هذه البلدة التی تكون فی اقصى شرق سوریا على ضفاف نهر الفرات. هذه المنطقة هی واحدة من أهم المواقع الأثریة، وقیل ان تاریخها یعود إلى الألف السابع قبل المیلاد.
یبلغ عدد سكان المدینة ما یقارب الملیون ومئتان وثلاثة وتسعون نسمة ویُشكّل المذهب السنی الغالبیة الدینیة لسكان هذه المدینة. ورغم الاكثریة السنیة فی هذه المنطقة لكن ایضا یتواجد هنالك سكان یعتنقون الطائفة الشیعیة الاثنى عشریة كبلدة "حطلة". كذلك توجد فی هذه مدینة وفی منطقة دورا ابوس على حافة نهر الفرات آثار قدیمة قیل انها تعود الى اقدم كنیسة بالعالم. واستنادا لبعض الوثائق التاریخیة التی اظهرت ان هذه المدینة كان یعیشها مجموعة من الأرمنیین لكن مع جمیع الاختلاف السكانی الموجود فی دیر الزور الّا انها حالیا مدینة ذات اغلبیة سنیة. تتكون مقاطعة دیر الزور من ثلاث مدن هی دیر الزو، البوكمال والمیادین اضافة الى 11 ریف و128 قریة.
مدینة دیر الزور هی مركز مقاطعة دیر الزور الواقعة فی شرق سوریا قرب الحدود العراقیة وتنقسم الى قسمین شمالی وجنوبی عبر نهر الفرات. هذه المدینة دائما ما كانت ارضا للتطرف الدینی ومركزا لتنمیة النشاطات الارهابیة لأسباب عدة منها قربها من مركز تنظیم القاعدة الارهابی الكبیر على الحدود العراقیة، هیكلیة اجتماعیة عشائریة وقبلیة، بعدها عن المركز وحرمان شبابها من دول الخلیجیة.
تعزیز ونمو الفكر الوهابی فی هذه المنطقة ادى فی بدایات الاشتباكات والنزاعات الداخلیة السوریة الى انضمام اعداد كبیرة من السكان لتنظیم داعش الارهابی الى ان تم فقدان السیطرة علیها من قبل الجیش السوری. فی الوقت الراهن یسیطر الجیش السوری على اجزاء قلیلة من مركز المدینة (بلدة دیر الزور) اضافة الى المطار وهذه الاجزاء القلیلة هی الاخرى محاصرة ولا سبیل للحكومة السوریة لإیصال المساعدات والامدادات سكانها الّا عن طریق المظلات الجویة وقوات الجیش. أما المناطق الأخرى فی المحافظة، باستثناء الأجزاء الشمالیة وشبه الشمالیة من محافظة دیرالزور، ومقاطعة حسكة، ومنطقة أبو شهاب، فهی تخضع لسیطرة تنظیم داعش الارهابی.
مطار دیر الزور الاستراتیجی والقواعد العسكریة ومخازن ومستودعات الاسلحة فی بلدة دیر الزور كانت سببا لترسل الحكومة السوریة عدد من الضباط الخاصین الى هذه البلدة للحفاظ على المراكز العسكریة الهامة فیها بأی ثمن.
انتقال داعش الى دیر الزور
وفقا لبعض التقاریر، بعد ان تلقى الارهابیون هزائم فادحة فی حلب فقد الدواعش ایضا قواعدهم ومقراتهم المهمة فی شمال غرب سوریا ونقلوا على اثرها كبار ضباطهم من الرقة والموصل الى دیر الزور. وحدث ذلك بعد أن فقدت داعش مراكزها الحیویة فی مدینة الباب والجزء الكبیر من ضاحیة الرقة الشمالیة وشرق هذه المدینة، وخرجت اجزاء كبیرة من الموصل من سیطرتهم. وعلى هذا النحو، فإن‌هاتین المدینتین باعتبارهما مركزین حاسمین وحیویین لداعش لم تكونا آمنتین لهم، ویجب علیهم السعی للحصول على بدیل لنقل مركز سلطته هناك.
وفی هذا الصدد، نقل تنظیم داعش اضافة الى كبار قادته المئات من الشاحنات المُحمّلة بالمعدات والذخائر الحربیة. المركبات الصغیرة، الاسلحة، المعدات و القنابل المدفعیة تأتی ضمن البضائع المشحونة بتلك الشاحانات. كما‌هاجر المئات من عوائل الدواعش الاجانب من مناطق الاشتباك فی الرقة والموصل الى المیادین والبوكمال واطراف نهر الفرات فی منطقة دیر الزور.
مما عقّد المشهد اكثر فی دیر الزور، الموارد النفطیة والغازیة والموقع الاستراتیجی لهذه المنطقة والتی لفتت مطامع العدید من المجامیع الارهابیة. اضافة الى تنظیم داعش والجیش السوری تسعى جبهة النصرة الارهابیة ایضا للسیطرة على الموارد النفطیة ومعبر البوكمال على الحدود العراقیة وبطبیعة الحال فإن هدف جبهة النصرة اضافة الى الاستیلاء على النفط هو منع داعش من السیطرة على مقراته فی هذه المنطقة.
بعد الاختلاف العقائدی الذی حصل بین تنظیم داعش بزعامة ابو بكر البغدادی وجبهة النصرة بزعامة الجولانی الذی فضّله ایمن الظواهری على البغدادی اتجهت الانظار الى صراع على السلطة بین هذین الجماعتین یهدف إلى تجاوز الآخر وإثبات افضلیته فی شرق سوریا، وخاصة فی دیرالزور.
لكن الاطراف المتصادمة فی هذه المنطقة لا تقتصر على داعش والنصرة وسوریا فقط. حیث یتطلع كل من محور التحالف الایرانی والتحالف الامریكی ایضا الى تنفیذ عملیاتهم فی هذه المنطقة.
الادارة الامریكیة ترى روسیا شریكة لمساعی سوریا وایران فی شرق البلد لإفشال المخططات الامریكیة. وفی هذا السیاق ذكرت صحیفة الوطن السوریة قبل فترة قلیلة عن تكثیف التواجد السوری والروسی فی المناطق الصحرائیة بسوریا لإستعادة دیر الزور.
كذلك تصل الى المسامع اخبار تفید بوجود مساعی اردنیة لإقامة التنسیق بین المندوبین الروس والأمریكیین. مع ذلك لا یزال الامریكیون یسعون لإقامة منطقة آمنة فی شمال الحدود السوریة والاردنیة بغیة شن هجمات اكثر ضد القوات التی یدعمها بشار الاسد.
الهجوم الصاروخی على دیر الزور
لدیر الزور اهمیة الستراتیجیة لدى تنظیم داعش ولا تخفى هذه الاهمیة عن احد. بعد ان قام تنظیم داعش بتنفیذ عملیات ارهابیة داخل العاصمة طهران وذلك فی یونیو من العام الحالی، قامت القوات الجویة للحرس الثوری فی الدقائق الاخیرة من یوم الاحد المصادف لأخر لیالی القدر لشهر رمضان المبارك بقصف مواقع داعش (مركز القیادة ومراكز الدعم) فی منطقة دیر الزور السوریة من مقرات الحرس الكامنة فی مدن كرمنشاه وكردستان (مسافة تبعد تقریبا 650 كیلو متر) بعملیات حملت اسم "لیلة القدر" واطلاق 6 صواریخ بالیستیة متوسطة المدى.
وفقا للتفسیرات الآنفة الذكر، أصبحت منطقة دیر الزور الآن مقر قیادة تنظیم داعش الارهابی، وسكان هذه المنطقة محاصرون حالیا. ولهذا السبب، فإن تحریر هذه المنطقة له أهمیة كبیرة. فی هذه اللحظة، یصب كامل تركیز محور المقاومة والجیش السوری فی الوصول إلى الحدود الإداریة لمقاطعة دیر الزور وفك الحصار عن المدنیین وعن القوات المحاصرة. وتتواصل عملیة دخول هذه المحافظة من شرق وجنوب محافظة حمص جنوب غرب محافظة الرقة.
LINK: https://www.ansarpress.com/english/8122
TAGS:
Violation of the sovereignty and rights of afghan citizens by America
